سورة يونس - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


قوله عز وجل: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن فضل الله معرفته، ورحمته توفيقه.
الثاني: أن فضل الله القرآن، ورحمته الإسلام، قاله ابن عباس وزيد بن أسلم والضحاك.
الثالث: أن فضل الله الإسلام، ورحمته القرآن، قاله الحسن ومجاهد وقتادة.
{فَبَذلِكَ فَلْيَفُرَحُواْ} يعين بالمغفرة والتوفيق على الوجه الأول، وبالإٍسلام والقرآن على الوجهين الآخرين.
وفيه ثالث: فلتفرح قريش بأن محمداً منهم، قاله ابن عباس.
{هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} يعني في الدنيا.
روى أبان عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ هَدَاهُ اللهُ لِلإِسْلاَمِ وَعَلَّمَهُ القُرآنَ ثُمَّ شَكَا الفَاقَةَ كَتبَ اللَّهُ الْفَقْرَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» ثم تلا {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}.


قوله عز وجل: {أَلاَّ إِنَّ أَوْلِيَآءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} في {أَوْلِيَاءَ اللَّهِ} ها هنا خمسة أقاويل:
أحدها: أنهم أهل ولايته والمستحقون لكرامته، قاله ابن عباس وسعيد بن جبير.
الثاني: هم {الَّذِينَ ءَامَنُوا وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}.
الثالث: هم الراضون بالقضاء، والصابرون على البلاء، والشاكرون على النعماء.
الرابع: هم من توالت أفعالهم على موافقة الحق.
الخامس: هم المتحابون في الله تعالى.
روى جرير عن عمارة بن غزية عن أبي زرعة عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِنَّ مِن عِبَادِ اللَّهِ أُنَاسَاً مَّا هُم بِأَنْبِيْآءٍ وَلاَ شُهَدَآءٍ يَغْبِطُهُم الأنبِياءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَمَكَانِهِم مِّن اللَّهِ» قالوا: يا رسول الله خبّرنا من هم وما أعمالهم فإنا نحبهم لذلك، قال: «هُمْ قَوْمٌ تَحآبُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُم وَلاَ أَمْوَالٍ يَتَعَاطَونَهَا. فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُم لَعَلَى مَنَابَرَ مِن نُّورٍ لاَ يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ وَلاَ يَحْزَنُونَ إِذَا حِزَنَ النَّاسُ» وقرأ {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيهمِ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وفيه وجهان:
أحدهما: لا يخافون على ذريتهم فإن الله تعالى يتولاهم ولا هم يحزنون على دنياهم لأن الله تعالى يعوضهم عنها، وهو محتمل.
الثاني: لا خوف عليهم في الآخرة ولا هم يحزنون عند الموت.

قوله عز وجل: {لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} فيه تأويلان:
أحدهما: أن البشرى في الحياة الدنيا هي البشارة عند الموت بأن يعلم أين هو من قبل أن يموت، وفي الآخرة الجنة، قاله قتادة والضحاك، وروى علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إِنّ لِخَدِيجَةَ بِنتِ خُوَيِلدِ بَيْتاً مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَب».
الثاني: أن البشرى في الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو تُرى له، وفي الآخرة الجنة، روى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الدرداء وأبو هريرة وعبادة بن الصامت.
ويحتمل تأويلاً ثالثاً: أن البشرى في الحياة الدنيا الثناء الصالح، وفي الآخرة إعطاؤه كتابه بيمينه.
{لاَ تَبْديلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} فيه وجهان:
أحدهما: لا خلف لوعده.
الثاني: لا نسخ لخيره.


قوله عز وجل: {فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكآءَكُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: فاجمعوا أمركم وادعوا شركاءكم لنصرتكم، قاله الفراء.
الثاني: فاجمعوا أمركم مع شركائكم على تناصركم، قاله الزجاج.
وفي هذا الإجماع وجهان:
أحدهما: أنه الإعداد.
الثاني: أنه العزم.
{ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً} فيه تأويلان:
أحدهما: أن الغمة ضيق الأمر الذي يوجب الغم.
الثاني: أنه المغطى، من قولهم: قد غم الهلال إذا استتر.
وفي المراد بالأمر ها هنا وجهان:
أحدهما: من يدعونه من دون الله تعالى.
الثاني: ما هم عليه من عزم.
{ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: ثم انهضوا، قاله ابن عباس.
الثاني: ثم اقضوا إليّ ما أنتم قاضون، قاله قتادة.
الثالث: اقضوا إليّ ما في أنفسكم، قاله مجاهد.
{وَلاَ تُنظِرُونَ} قال ابن عباس: ولا تؤخروني.
قوله عز وجل: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ} يعني عن الإيمان.
{فَمَا سَأَلْتُكُم مِنْ أَجْرٍ} يحتمل وجهين:
أحدهما: فما سألتكم من أجر تستثقلونه فتمتنعون من الإجابة لأجله، {إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ}.
والثاني: فما سألتكم من أجر إن انقطع عني ثقُل علي.
{إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ} وقد حصل بالدعاء لكم إن أجبتم أو أبيتم.
{أمِرتُ أن أكونَ مِنَ المُسْلِمينَ} أي من المستسلمين لأمر الله بطاعته.
قوله عز وجل: {فَنَجَّيْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ في الْفُلْكِ} قال ابن عباس: كان في سفينة نوح عليه السلام ثمانون رجلاً أحدهم جرهم وكان لسانه عربياً، وحمل فيها من كل زوجين اثنين، قال ابن عباس فكان أول ما حمل الذرة وآخر ما حمل الحمال ودخل معه إبليس يتعلق بذنبه.
{وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ} أي خلفاً لمن هلك بالغرق.
{وَأَغْرَقُنَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآياتِنَا} حكى أبو زهير أن قوم نوح عاشوا في الطوفان أربعين يوماً. وذكر محمد بن إسحاق أن الماء بقي بعد الغرق مائة وخمسين يوماً، فكان بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن غاض الماء ستة أشهر وعشرة أيام وذلك مائة وتسعون يوماً. قال محمد بن إسحاق لما مضت على نوح أربعون ليلة فتح كوة السفينة ثم أرسل منها الغراب لينظر ما فعل الماء فلم يعد، فأرسل الحمامة فرجعت إليه ولم تجد لرجلها موضعاً، ثم أرسلها بعد سبعة أيام فرجعت حيث أمست وفي فيها ورقة زيتونة فعلم أن الماء قد قل على الأرض، ثم أرسلها بعد سبعة أيام فلم تعد فعلم أن الأرض قد برزت، وكان استواء السفينة على الجودي لسبع عشرة ليلة من الشهر السابع فيما ذكر، والله أعلم.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10